هكذا تضرم النار بالماء

وكالة غزو الفضاء الأمريكية - ترجمة يوسف الشيخ

عندما يريد رجال المطافئ اخماد حريق ما غالبا ما يستعملون الماء لأجل هذا الغرض. إلا أن رواد الفضاء المرابطين بالمحطة الفضائية الدولية يجرون تجارب على نوع من الماء الذي من شأنه أن يفعل العكس: عوض أن يطفىء النار سيساعد على إضرامها. "نسميه الماء فوق الدرجة الحرجة" يوضح مايك هاكس من مركز البحث غلين في أوهيو. و يضيف " ولديه خاصيات مميزة ".

يتحول الماء العادي إلى ماء " فوق الدرجة الحرجة" عند ضغطه بواسطة مكبس ضاغط زهاء 217 أطموسفير ووضعه يغلي تحت حرارة تفوق 373 درجة مئوية. يتحول الماء إلى حالة ليست بالصلبة و لا بالسائلة ولا حتى غازا، يتجاوز ما يسمى النقطة الحرجة . ويصبح في حالة بين السائلة و الغازية بدون سطح فاصل بينهما. " عندما نخلط الماء فوق الدرجة الحرجة بمادة عضوية يحدث تفاعل كيميائي: أكسدة" يشرح مايك هايكس، ويردف قائلا " إنه نوع من الاحتراق دون لهب"

تصبح هذه الطريقة فعالة عندما يريد أحدهم التخلص من مواد ملوثة كالواد الحار مثلا، ويمكن كذلك لمن يراكم النفايات، كالمدن والمناطق الصناعية والبواخر المصنعة والمركبات الفضائية، أن يستفيد من هذا النوع من المعالجة.

"عندما نقوم بجعل قناة للصرف الصحي تتجاوز النقطة الحرجة، يقوم الماء فوق الدرجة الحرجة بفصل روابط الهيدروكاربورات عن بعضها، وكنتيجة لذلك، تتفاعل هذه الروابط مع الأوكسجين." وبعبارة أخرى يشتعل وحل قناة الصرف. في غالب الأحيان تحدث النقط الساخنة للوحل لهبا يمكن أن يرى بالعين المجردة، إلأ أن هذا الأمر لا يحدث عموما. "إنه شكل من الاحتراق الأنيق نسبيا، الذي ينتج عنه ماء خالص وديوكسيد الكربون دون أي منتوج سام قابل للاحتراق.

لكن ما شأن كل هذا بالمحطة الفضائية الدولية؟ " توفر المحطة الفضائية الدولية مختبرا مصغرا للطوارئ فريدا من نوعه لدراسة خصوصيات الماء فوق الدرجة الحرجة" يشرح هايكس.

من بين المشاكل التي تعيق اشتغال الباحثين على دراسة الماء فوق الدرجة الحرجة هو مادة الملح، عند تجاوز النقطة الحرجة، يترسب الملح الموجود في الماء بسرعة، و إن حدث هذا الأمر داخل هيكل محرك ارتكاسي، سيغطي الملح أجزاء المحرك و يبدأ المعدن في التآكل.

"في أية قناة للصرف الصحي علينا أن نتعلم كيف نتخلص من الملح، هذا هو التحدي التكنولوجي الأبرز" يضيف هايكس. " الاهتمام بالملح هو الهدف المنشود من هذه التجارب بالمحطة الفضائية الدولية ، وهو مجهود مشترك بين وكالة غزو الفضاء الأمريكية والمركز الوطني الفرنسي للدراسات الفضائية

"يمكننا أن نخلص من خلال دراستنا للماء فوق الدرجة الحرجة إلى معرفة سبب ترسب الملح، ويمكننا أيضا أن نصبح قادرين على ايجاد طريقة لإزالة الملح عن الأجزاء المعرضة للتآكل"

ويستعمل الباحثون في هذه التجارب هاردويرد فرنسي الصنع ويشتغلون وسط القسم الياباني بالمحطة، وكانت التجارب قد انطلقت منذ الأسبوع الأول من يناير من العام2013، وتستمر سنة كاملة في سلسلة من ستة اختبارات، يستغرق كل واحد منها حوالي 15 يوما.

و يمكن لهذه النتائج أن تطبق على سطح الأرض، لقد بدأت البحرية الأمريكية مند مدة قصيرة في استعمال تكنولوجيا الماء فوق الدرجة الحرجة لتطهير قنوات الصرف الصحي لإحدى بوارجها، في حين شرعت مدينة أورلاندو في دراسة مشروع لمعالجة قنوات الصرف الصحي لترابها البلدي يرتكز على نفس التكنولوجيا.

Regresar al inicio